لقد شعرت.. وهو يقرأ هذه الآيات
بخشوع ورقة.. ببداية تاريخي.. فأنا لم أكن في يوم من الأيام حيوانا ولا خلية عصفت
بها الرياح لتتحول بعد ذلك إلى هذا الخلق المستقيم.. بل شعرت بأني إنسان خلق
قصدا.. ولغاية.. وأني لن يهنأ بي عيش حتى أتحقق بغايتي ووظيفتي التي أناطها الله
بفطرتي.
قلت: إن ما تقوله يريد أن يعصف
بكل تلك الأكوام من المعارف العلمية التي حصلتها..
قال: لم تكن تلك الأكوام
معارف.. بل كانت ركاما اختلطت فيه الحقائق بالأوهام.. وتشكل من ذلك الاختلاط ما
عشته من صراع..
قلت: أكان في تلك الأكوام
أوهاما؟
قال: لو كانت أوهاما وحدها
لسهل التمييز ولاستطاع أي عاقل أن يردها بسهولة.. ولكن مصدر خطورتها أنها كانت
ركاما من الأوهام زين ببعض مساحيق الحقائق.. فصار الناس يرون الصورة ولا يرون ما
بداخلها، فيصيبهم من الغرر في ذلك ما يملؤهم بالصراع.