والنور والصفاء ما تستحق من
أجله أن نعيشها.. بل أن نضحي من أجل أن نعيشها.
قلنا: فكيف ظهر لك أن تجلس بين
يديه مجلس التلمذة، وأنت الأستاذ الذي تلقى من كبار أساتذة البشرية؟
قال: لقد رأيت من سمته وتواضعه
وأدبه وسلامه وعلمه ما جعلني ـ رغما عني ـ أجلس معه ذلك المجلس الذي لم أجلس مثله
في حياتي.
قلنا: لقد شوقتنا إليه، فحدثنا
عنه.
قال: لقد كانت أول كلمة قالها
لي، وهو يربت على كتفي بحنان وقوة :( لا تهدم بنيان الله)[1]
التفت إليه، وقلت: أي بنيان
لله؟
قال: أنت.
قلت: من أنا؟
قال: الذي تبحث عنه.. أنت..
أنت هو الإنسان..
قلت: لكني لم أجد الإنسان.
قال: لأنك كنت تسأل الشياطين
عن الإنسان، والشياطين لن يدلوك إلا على الشياطين.
قلت: فهل عندك من علم الإنسان
ما يدلني عليه؟
قال بقوة وثقة: أجل.. فمن لم
يعرف نفسه لم يعرف ربه؟
قلت: لكني أراك بسيطا.. وفوق
ذلك لا أرى معك أي آلة من آلات العلم التي كان يحملها أساتذتي.
قال: أنا أحمل النور.. والنور
هو الآلة الوحيدة التي تحميك من ظلمات الجهل.
[1]
ورد في الحديث : (إن هذا الإنسان بنيان الله فملعون من هدم بنيانه)، قال فيه
الزيلعي : (غريب جدا)، (تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف
للزمخشري:1/346)