قال بعض التلاميذ: ولكن لم ذلك؟..
ألم يكن عندنا ما يكفي؟
ابتسم الغزالي، وقال: ولكن ما
المانع من قبولها؟
قال: لأن الذي كتبها وقالها ليس
مسلما.
ابتسم الغزالي، وقال: ألم تعلم
ـ يا ولدي ـ أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها..
قال التلميذ: ولكنهم فلاسفة..
وليسوا حكماء؟
قال الغزالي: إن مثل من ينكر
على هؤلاء بسبب كونهم فلاسفة كمن يسمع من النصراني قوله : (لا إله إلا الله عيسى
رسول الله)، فينكره، ويقول:هذا كلام نصراني، ولا يتوقف ريثما يتأمل أن النصراني
كافر باعتبار هذا القول أو باعتبار إنكار نبوة محمد a.
قال بعض التلاميذ: وعينا هذا..
وبورك فيك.. فحدثنا عن المنهج الذي تريد أن نتعلم من خلاله هذا العلم.
قال: لقد رأيت ـ كما وضح لكم زميلي ابن حزم ـ أن الأحكام العقلية إذا
تجردت من سلطة حكم الحس و الوهم لا تكاد تخطئ، لأنها فطرة فطر الله الناس عليها..
قال تعالى :﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا
تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لا يَعْلَمُونَO (الروم: من الآية30).. انظروا كيف سمى الله العقل
دينا..
ولكون أحكام العقل المجرد دينا،
فإن التناقض بين أحكام العقل وأحكام الشرع مستحيلة.. بل إن أساس الشرع العقل..
فالعقل كالأس والشرع كالبناء.. ولن يغني أ س ما لم يكن بناء.. ولن يثبت بناء ما لم
يكن أ س.
والشرع ـ بسبب مراعاته الضرورية
للأحكام العقلية ـ عقل.. فالشرع عقل من الخارج، والعقل شرع من الداخل.. وهما
متعاضدان بل متحدان.
و بسبب هذا الاتحاد بين أحكام
العقل وأحكام الشرع، فإن تمجيد العقل تمجيد للشرع، وإعماله أعمال للشرع، ونبذه نبذ
للشرع.. لأن كليهما من وضع الله.. أما ذم من ذمه
فسببه إلى