بهم إلى حالة الانبهار التام
المؤدي إلى ا لخضوع الكلي.
ومنها الخلط بين العلوم
الطبيعية والهندسية والمنطقية مع الآراء الميتافيزيقية، حتى ظن من ينظر في منطقهم
فيراه مستحسنا أن سائر علومهم مؤيدة بتلك البراهين.
ومنها ما مزجه (إخوان الصفا)
بتصانيفهم المستمدة من الفلسفة اليونانية من الحكم النبوية والكلمات الصوفية
استدراجا للعامة إلى مقاصدهم، مع العلم أن انتشار آراء تلك الجمعية في ذلك الحين
كان واسعا شاملا كل فئات المجتمع،كما تشير إليه رسائلهم.
وقد رأيت ـ كما ترون معي ـ أن
جميع هذه الأسباب لا ترجع إلى براهين عقلية، أو حجج منطقية، وإنما هو حالة من
الانبهار الساذج، والتأثر العاطفي الذي لا يحكمه العقل، ولا يستند إلى الحجة.
قالوا: فما الطائفة الثالثة؟
قال: هي الطائفة التي اخترت أن
أنتسب إليها.
قالوا: وما تقول هذه الطائفة؟
قال: هذه الطائفة تريد أن تكون
وسطا بين الطائفتين.. فتسد المفسدة، وتجلب المصلحة.
قالوا: أي مفسدة؟
قال: مفسدة الطائفة الأولى التي
تحرم المسلمين علوما لم يحرمها الشرع.. ومفسدة الطائفة الثانية التي تريد أن تستغل
العقل لتضرب الدين.. مع أن الدين عين العقل.. بل لا عقل بلا دين.. ولا دين بلا
عقل.
قالوا: وأي مصلحة؟
قال: لقد رأيت في تلك العلوم
مصالح كثيرة يمكننا أن نستفيد منها فيها.. فمن علومهم الرياضيات.. وهي تتعلق بعلم
الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم، ولا يتعلق شيء منها بالأمور الدينية، بل هي
أمور برهانية لا سبيل إلى مجا حدتها بعد فهمها.. بل إنها من الفروض