من العلوم على وجهها إلا إذا
كان المنطق ميزانها.. وقد قلت في مقدمة كتابي (المستصفي) التي شرحت فيها علم
المنطق إجمالاً.. وجعلته مقدمة لأصول الفقه:( نذكر في هذه المقدمة مدارك العقول
وانحصارها في الحد والبرهان، ونذكر شرط الحد الحقيقي، وشرط البرهان الحقيقي،
وأقسامها على منهاج أو جزء مما ذكرناه في كتاب محك النظر، وكتاب معيار العلم،
وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول، ولا من مقدماته الخاصة به، بل هي مقدمة
العلوم كلها، ومن لا يحيط بها فلا ثقة بعلومه أصلاً)[1]
قال بعض التلاميذ: نحن نعرف كل
ذلك.. وقد رأينا من يرميك بسببه بالعظائم.. فهذا الإمام العلامة المحدث أبو عمرو
بن الصلاح الشهرزوري يقول - فيما جمعهُ من طبقات أصحاب الشافعي وقرَّرهُ الشيخ أبو
زكريا النووي – في فصل عقده بعنوان: ( فصلٌ في بيان أشياء مهمةٍ أُنكرت على الإمام
الغزالي في مصنفاته، ولم يرتضيها أهل مذهبهِ من الشذوذ في مصنفاته ).. ومما ذكره
فيه قوله عنك: ( فكيف غَفَلَ الغزالي عن شيخه إمام الحرمين ومِن قبلهِ مِن كلِّ
إمام هو لهُ مُقدِّم، ولمحله في تحقيق الحقائقِ رافعٌ ومُعظِّم، ثم لم يرفع أحدٌ
منهم بالمنطقِ رأساً، ولا بنى عليه أُسَّاً، ولقد أتى بخلطة المنطق بأصول الفقه
بدعةً عظُمَ شؤمها على المتفقهة، حتى كثُرَ فيهم بعد ذلك المتفلسفة والله
المستعان)
وقال العلامة أبو بكر بن العربي
المالكي:( شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر)..
وقال في موضع آخر : ( يوجد في كلام أبي حامد ونحوه من
أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الذين يُحرفون كلام الله ورسوله a عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة والباطنية)
قاطعه الغزالي، وقال، وهو
يبتسم: بل قال في صديقي وحبيبي ابن رشد: (إنه ـ أي أنا ـ لم