العقل، بينما العقل هو: ما ينور
للنفس تلك المسبقات العلمية.
قال تلميذ
آخر: وعينا هذا.. فحدثنا عن خصائص هذه الأحكام التي نجدها في عقولنا.. فقد رأينا
من الأساتذة من يبث من الشبهات حولها ما يرفع الثقة عنها.
قال: للأحكام العقلية السليمة
أربعة خصائص كبرى ترفع كل شبهة.
قالوا: فما أولها؟
قال: الجزم.. فجميع الحقائق
المنطقية ثابتة جازمة لا تقبل الريب.. إذ أن ذاتها الكشف، والكشف يعني ملامسة
الواقع وشهوده.. فكيف يجد الانسان الواقع ثم يشكك فيه؟ ومن هنا فإن الحكم بقبح
الظلم، وحسن التضحية، وجمال الآداب ليست أحكاما تقبل الريب، والذي يرتاب فيها يحاول
الفرار عنها بتغيير موضوعاتها بحيث تصبح الأحكام ليست هي التي تغيرت، بل موضوعاتها
فقط تبدلت، فمثلا: الذي يقول: ان الظلم حسن يغير معنى الظلم حتى يجعله يساوي معنى
العدل ثم يقول بأنه حسن [1].
قالوا: فما الثانية؟
قال: الشمول.. فالأحكام العقل
شاملة لا تخصص، فإذا كانت الرذيلة قبيحة، فليس هناك فرق بين أن تكون صادرة من كبير
أو صغير، وفي أي عصر وأي زمان.. وإذا كانت الحادثة بحاجة إلى علة محدثة وسبب موجد،
فلا فرق بين أن تكون الحادثة رمي كرة القدم أم وجود كرة الأرض.. واذا كانت الصدفة
محالة في وجود ساعة يد، فإنها محالة أيضا في صنع مخ الإنسان.. وإذا كانت معادلة
5×5=25 صحيحة، فلا فرق ان تكون في أي وقت وأي مكان.
قالوا: فما الثالثة؟
قال: العموم.. فأحكام العقل
تتفق عليها عقول البشر، فالعقل هو العقل في أي إنسان
[1] انظر رسالة (أسرار الأقدار)
من (رسائل السلام) عند الكلام عن الحسن والقبح.