كان.. وما هو فضيلة أو رذيلة
هنا فهي في كل مكان ولدى كل إنسان فضيلة أو رذيلة.. اذهبوا إلى من شئتم فسوف لا
تجدون الفضيلة في الخيانة والنفاق وبيع الأوطان وإيثار النفس على الآخرين.. وسوف
لا تجدون معاني التضحية والفداء والشجاعة والإباء من معاني الرذيلة.. ومن هنا فإن
الأمم تتبارى بهذه القيم، وتجعل منها مقياسا يحتجون به وينتهون إليه، وترتكز أجهزة
إعلامهم على الادعاء بأنهم يمثلون الفضيلة والعدل، وأن أعداءهم يمثلون الزيف
والباطل.. وهكذا أصبح العقل حجة بين الأفراد ومقياسا لكل أحكامهم، فلا يمكن أن
نتصور رجلا عاقلا في الأرض يحكم عقله بإمكان الصدفة أو صحة التناقض والتشكيك في
وجود الذات وغيرها.
قالوا: فما الرابعة؟
قال: الثبات.. فأحكام العقل لا
تتطور حسب تطور الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية أو الفسيولوجية.. لأنها تكشف عن
الحقائق الخارجية تماما كما لا تتغير المرآة وهي تعكس صور الحياة الناشطة
الحركات..
وهنا تختلف الرؤية الإسلامية في
المعرفة عن النظريات الذاتية والديالكتيكية.. ذلك أن تلك النظريات حسبت العقل
وليدا لنفس المادة المتطورة، فادعت انها تتطور أيضا، ولم تستطع تلك الفلسفات
اكتشاف حقيقة العقل التي لا تعدو أن تكون طاقة من نور زودت بها النفس للكشف عن
الحقائق بصورة مباشرة.. ولذلك فإن حكمه مشهود متيقن ثابت وان أي حكم يتغير أو
يتصور فيه التغيير لهو ليس بحكم العقل.. ومن هنا لا يمكن القول: بأن 2×2=4 انما هو
صحيح اليوم ويمكن ان يتطور غدا حسب تطور الاوضاع السياسية فيصبح 2×2=5 إذ هذا
القول مضحك بذاته لدى كل نفس عاقلة.
وأيضا كان الزعم بأن القول (أن
الحادث بحاجة إلى سبب) صحيح اليوم، أما غدا فحيث يحكم البلاد نظم جديدة في
الاقتصاد، فإن الحادث يمكن ان يحدث بلا سبب، كان هذا الزعم