responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 266

أولهما: تشكيكه في أن تكون سابقياته الفطرية ناشئة من النفس أو من قوة شيطانية داخلها.. ولم يعلم أن تشكيكه إنما هو في التصورات الغامضة التي لم تتنور بعلم الإنسان.. أما الحقائق الواضحة التي أحاط بها علم البشر فلم يمكن التشكيك فيها أبدا.. ولهذا عاد (ديكارت) نفسه فاعترف بالنفس، وعلل اعترافه بأنه يجدها ظاهرة مميزة أمامه بحيث لا يمكنه إلا الاعتراف بها.

وثانيهما: غفلته عن حقيقة النور الذي كان معه في لحظة تشكيكه في العقل، وإلا فكيف استطاع أن يبلغ بالتشكيك مرحلة متقدمة منه بترتيب النتائج على الأسباب.. كيف استطاع أن يقول: يمكن أن يكون هناك شيطان مضلل للفكر؟.. مع أن علمه باستلزام سبب للأفكار الخاطئة إنما هو ناشيء من حكم عقلي مسبق وهو: (لا بدية السبب لكل شيء) وأن علمه بأن الشيطان يقوم بالإضلال، يقوم على أساس وجود ضلالة وهداية، وقبح الضلالة وحسن الهداية، وكل هذه الأحكام عقلية.

إن مثل (ديكارت) في ذلك مثل الذي يشكك في وجود الشمس، ثم يرينا الحقول والواحات المضاءة بالشمس، ويقول لو كانت الشمس موجودة لما كانت لها ظلال وارفة.. إن مجرد رؤية الحقول والواحات دليل على وجود الشمس، وإن ذات الظلال الوارفة لهي دليل على وجودها.. فكيف يستدل بهما على عدم وجود الشمس؟ وهكذا القدرة على التشكيك نوع من إثبات نور العقل.

والواقع: إن (ديكارت) لم يحاول التشكيك في عقله، إنما شكك في ركام الجهل الذي تجمع فوق النفس البشرية وزعم الإنسان أنها علم وعقل.. لذلك فإن تصوره للعقل يختلف عن العقل الذي أرشد إليه الدين، فإنه زعم أن العقل إنما هو كل ما في النفس البشرية من تصورات، أما الإسلام فيرى ان التصورات ليست الا معقولات يكتشفها نور العقل وينقدها.

وهكذا ترون كيف اضطربت وتناقضت مقاييس البشر حين زعمت أن المسبقات ذاتها

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست