لقد حكى لنا التاريخ كيف أن بطرس الرسول
هرب من روما خشية الموت، وفوجئ في الطريق بشخص السيد المسيح، فارتمي عند أقدامه
متسائلا: (إلى أين يارب أنت ذاهب؟)، فجاءته الإجابة التي أخجلته: (أنا ذاهب إلى
روما لأصلب ثانية عوضا عنك)، فرجع الرسول في الحال إلى روما، وعانق الصليب رافضا
أن يصلب كسيده، بل أن يصلب منكسا، رأسه إلى أسفل ورجلاه إلى أعلى، وأثبت أنه تلميذ
حقيقي لمعلمه المصلوب.
وهكذا كل قديس في الرب قد عرف الطريق إلى
صليب الإماتة وسمر مشيئته هناك ودفن آماله في قبر راحيل وقام في جدة الحياة ليعيش
لمشيئة الرب بالكامل ويكمل قول بولس الرسول: (وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء
فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام) (2كو15:5).
قلت: كل ما تذكره نؤمن به، ونحاول أن
نعيشه، لكني لست أفهم سر ما تريد أن نفعله اليوم.. هل سنذهب للتبشير كما ذهبنا في
الأيام السابقة؟
قال: أجل.. وهذا هو علامة الثبات في
المسيح.. فالمعركة لا ينتصر فيها إلا الثابتون.
قلت: أراك تريد أن تحارب اليوم أيضا؟
قال: إن اضطررت إلى الحرب فعلت.. فما
أحلى الحرب لأجل المسيح.
قلت: بأي سلاح تريد أن تحارب اليوم؟
أشار إلى الصليب، وقال: بهذا..
قلت: أتريد أن تشن حربا صليبية جديدة؟
قال: حرب الصليب لا تخاض بالسيوف، بل
تخاض بالصليب نفسه.
قلت: الصليب هو أداة إعدام بشعة استخدمها
الرومان واليونانيون والفرس منذ أقدم العصور في إعدام المجرمين.. وهو أشد آلة
تعذيب لأن المعلق كان يموت موتا بطيئا، كما أنه