هذه الرسالة التي أحملها بثيابي
وصليبي.. وكأنني أقول لمبغضي المسيح: افعلوا بي ما تشاءون.. اشنقوني أو اصلبوني
كما صلبتم المسيح.. فلن أتزحزح عن طريقي.
لقد توجه المسيح لتلاميذه في آخر صحبته
لهم، وقال: (إن أبغضكم العالم، فاعلموا أنه قد أبغضني من قبلكم. لو كنتم من أهل
العالم، لكان العالم يحب أهله، ولكن لأنكم لستم من أهل العالم، بل إني اخترتكم من
وسط العالم، لذلك يبغضكم العالم. اذكروا الكلمة التي قلتها لكم: ليس عبد أعظم من
سيده. فإن كان أهل العالم قد اضطهدوني، فسوف يضطهدونكم؛ وإن كانوا قد عملوا
بكلمتي، فسوف يعملون بكلمتكم. ولكنهم سيفعلون هذا كله بكم من أجل اسمي، لأنهم لا
يعرفون الذي أرسلني. لو لم آت وأكلمهم، لما كانت لهم خطيئة؛ ولكن لا عذر لهم الآن
في خطيئتهم. الذي يبغضني، يبغض أبي أيضا. ولو لم أعمل بينهم أعمالا لم يعملها أحد
غيري، لما كانت لهم خطيئة. ولكنهم أبغضوني وأبغضوا أبي، مع أنهم رأوا تلك الأعمال.
وقد صار ذلك لتتم الكلمة المكتوبة في شريعتهم: أبغضوني بلا سبب! وعندما يأتي
المعين، الذي سأرسله لكم من عند الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب، فهو يشهد لي،
وتشهدون لي أنتم أيضا، لأنكم معي من البداية)(يوحنا: 15/18- 27)
قلت: لكني لم أفهم سر هذا المظهر بعد..
لقد كنت تحمل صليبا مذهبا على صدرك، وأراك تحمل اليوم صليبا يكاد يكون حقيقيا،
وكأنك اجتثثته من الشجرة التي اجتث منها صليب المسيح.
نظر إلي بأسف، وقال: للأسف.. لقد انحصرت نظرتنا إلى الصليب في
أنه سر الفداء فحسب، فكانت نظرة قاصرة خلقت جيلا من المؤمنين المترفين المرفهين،
جيلا تعود الأخذ لا البذل، جيلا يبحث عن الراحة ويهرب من العناء، جيلا يحمل الصليب
زينة على صدره، ولا يحمل الصليب مقصلة فوق ظهره، فضاعت من جيلنا التلمذة الحقيقية
التي قصدها السيد المسيح ورسم طريقها بقوله: (من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا
يقدر أن يكون لي تلميذا)