لقد أشار القرآن الكريم إلى القوة التي
يتمتع بها جيش سبأ من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم في
قولهتعالى:﴿ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ
وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾ (النمل: 33)
وقد كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية
جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا
الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، واستغل السبئيون هذه
الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدأوا يمارسون الري
والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار.
وقد بلغ ارتفاع سد مأرب 16 متراً وعرضه60
متراً وطوله 620 متراً، وهذا يعني حسابياً أنه يمكن أن يروي 9600 هكتاراً من
الأراضي، منها 5300 في السهل الجنوبي، والباقي للسهل الشمالي، وقد كان يشار إلى
هذين السهلين في النقوش السبئية (مأرب والسهلان)، وهذا ما يشير إليه التعبير
القرآني بكل دقة ﴿ جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ﴾، فهي تشير إلى
وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين.
لقد تم إصلاح هذا السد خلال القرنين
الخامس والسادس للميلاد، إلا أن هذه الإصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542
للميلاد.. وقد انهار السد بسبب سَيل العَرِمِ الذي ذكره القرآن الكريم، والذي
سَبَّبَ أضراراً بالغة، فقد هلكت كل البساتين والكروم والحدائق ـ التي بقي
السبئيون يرعونها لعدة قرون ـ على بَكْرَةِ أبيها، وبعد انهيار السد عانى السبئيون
من فترة ركود طويلة لم تقم لهم قائمة بعدها.
وهذه كانت نهاية القوم التي بدأت مع
انهيار السد.
وقد ذكر القرآن الكريم أن العقاب الإلهي
كان بإرسال (سَيْلَ العَرِمِ). وهذا التعبير القرآني يخبرنا كيف وقعت الواقعة،
فكلمة (عَرِم) تعني الحاجز أو السد.
وقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي
وورنر كيلرصاحب كتاب (الكتاب المقدس كان