تماما صدق صديقي علي.. وصدق الفئة المؤمنة التي جعلها الله جنودا لنصرة
دينه.
لقد كنت مثلكم ـ أصدقائي وإخواني ـ أضع كلام ربي في برج عاجي، أو في ستر
مكنون، وأنا أحاول جهدي حمايته.. لكني الآن عرفت أن القرآن الكريم أعظم من أن
يحميه أحد..
إن القرآن الكريم كلام الله الذي يجاهد به، وينتصر للدين بعلومه ومعارفه
وحقائقه.. إنه جيش كامل مزود بجميع أنواع الأسلحة ليقتل جميع شبهات الشياطين
والمردة والمنافقين..
فلا تخافوا على كلام الله.. ولا تفروا به من الزحف.. فقوة القرآن أعظم من أن
تقاوم.
نهض بعض الشيوخ، ويظهر عليه أنه كان قد تتلمذ على حذيفة، وقال: يا شيخنا..
لقد كنت تقول خلاف هذا.. بل كنت تؤلب الخصومة على من يقول هذا.. فكيف رجعت عن
قولك؟
حذيفة: لا يحل لعالم أن يظل على قول هداه الدليل إلى خلافه.
نعم.. لقد كنت أقول ما تقولون.. وكان ذلك بسبب خوفي على القرآن الكريم، لكني
لما علمت المنهج الصحيح الذي يتبع في إبراز نواحي الإعجاز القرآني سلمت له.
قال الرجل: فكيف كان ذلك.. وما المراجع التي رجعت إليها؟
أشار حذيفة إلي علي، وإلى العلماء، وقال: هذا هو المرجع.. وهؤلاء هم
المراجع.
احتار الجمع، فقال: سأقص عليكم القصة.. أنتم تتصورون أنه أقيم في هذه الأيام
العشرة مؤتمر واحد.. لكنه في الحقيقة أقيم مؤتمران.
ازدادت حيرة الجمع، فقال حذيفة: لقد كان هناك مؤتمر في الصباح تقيمونه أنتم
ويقيمه هؤلاء العلماء الأجلاء.. وكان في المساء مؤتمر آخر.. مؤتمر سري يقيمه علي
بصحبة هؤلاء العلماء من غير أن يعلم أحد بذلك..
لقد كان علي يتنكر كل يوم في صورة وهيئة ليبين لهم من حقائق القرآن الكريم
ما يدلهم على الله.
ثم التفت إلى العلماء الذين حضروا معي، والذين بدت عليهم الدهشة، وقال:
اسمحوا