أما الأول، فهو قصوركم في تعلم العلوم المرتبطة بالقرآن.. لقد أمركم الله
بالنظر في السموات وفي الأرض وفي الإبل وفي الطعام وفي مصاير الأمم.. لكنكم غضضتم
بصركم عن كل ذلك، ثم غضضتم أسماعكم عما وصل إليه العلماء مما يؤيد كتابكم وينصره.
ولما قصرت بضاعتكم أن تفهم ما قاله العلماء، وما توصلوا إليه رحتم تضعون
الجدران بينكم وبينهم، ففرقتم بين العلم والقرآن.. مع أن القرآن هو أصل العلوم
وأساسها ولبابها.
وأما الثاني، فهو ضعف إيمانكم بقوة القرآن.. لقد ولد القصور العلمي في
نفوسكم عقدة نقص.. فتصورتم ـ من غير أن تصرحوا ـ أن القرآن أقل من أن يواجه هذه
الثورة العلمية العظيمة.. فخفتم على القرآن أن يجرفه تيار العلم.
ولو أنكم صدقتم في إيمانكم لرحتم تتحدون بحقائق القرآن.. فيستحيل على حقائق
القرآن أن تخالف حقائق العلم.
اخترق حذيفة الصفوف، وصعد المنصة، وأخذ مكبر الصوت من علي، فتصورت أنه
سيخالفه كعادته، لكنه ـ خلافا للعادة ـ قال: اسمحوا لي أيها الجمع الكريم أن أقول
لكم شيئا.. لابد لي من قوله..
أنتم تعلمون أني كنت من المنكرين لما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن
والسنة.. لقد كنت من المنكرين له بشدة.. وكنت لذلك أختلف مع صديقي علي في هذا
الموضوع.. ولكني الآن.. وفي هذه الأيام العشرة التي وقع فيها المؤتمر.. وبصحبة
هؤلاء العلماء الأجلاء، تيقنت