كان هذا هو بداية موقفه من المسيحية، أما الإسلام، فلم يتخذ منه موقفا سلبيا
إلا في ذلك اليوم، فقد ألقى بعض المحاضرين محاضرة عن موقف سليمان u من الخيل، وذلك في
تفسير قوله تعالى:﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ
إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ
الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي
حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا
بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)﴾(ص)
وللأسف، فإن هذا المفسر بعد استعراضه لجميع الأقوال في
تفسير الآية لم يحلو له إلا أن يفسرها بما يسيء لسليمان، وبمثله للقرآن.
لقد ذكر أن سليمان u عرض عليه الخيل الجياد في وقت
العصر، فألهاه هذا العرض عن صلاة العصر، فلما اقترب المغرب غضب وطلب من الله أن
يرد الشمس بعد أن غربت ليصلي العصر فردت.. وكصورة من غضبه على الخيل لأنها كانت
السبب في فوات العصر وألهته عن الصلاة قام وقطع سوقها وأعناقها مسحاً بالسيف.
ومع أن القائلين بهذا من التابعين الذي استفادوا هذه التفاسير من اليهود
الذين أسلموا إلا أنه راح يدافع على هذا، ويخالف ابن عباس صاحب رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم الذي فسرها بأنه جعل يمسح أعراف الخيل، وعراقيبها حبالها.
وقد قال تعليقا على هذا القول: وهذا القول اختاره ابن جرير،
واستدل له بأنه لم يكن سليمان u ليعذب حيوانا بالعرقبة، ويهلك مالا من ماله بلا سبب سوى
أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها.
ثم علق عليه بقوله:(وهذا الذي رجح به ابن جرير فيه نظر؛
لأنه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا، ولا سيما إذا كان غضبا لله عز وجل بسبب أنه
شغل بها حتى خرج وقت الصلاة؛ ولهذا لما خرج عنها لله تعالى عوضه الله تعالى ما هو
خير منها وهي الريح التي تجري بأمره