في اليوم السادس.. كان موضوع المحاضرات يتناول الحيوانات في القرآن الكريم.
وقد قدم العلماء محاضراتهم التي غلب عليها الجانب البياني والفقهي.. كعادتهم
في سائر الأيام.
ثم قدم صاحبي عالم الحيوان محاضرته، ولم يكن هناك أي رابط بين تلك
المحاضرات..
وصاحبي هذا ـ بالإضافة إلى كونه عالم حيوان ـ من جمعية للرفق بالحيوان، فهو
محب لها غاية الحب، رفيق بها غاية الرفق، بل هو يكاد يتعامل معها كما يتعامل مع
الإنسان، بل إنه ـ لغرابة أطواره في هذا ـ كان كلما ذكر حيوانا أطلق عليه لفظ أخي
أو صديقي، جادا غير هازل، وهو لا يعبأ بضحك من يضحك من المستمعين له من طلبته أو
أصدقائه.
وكان لهذا قريبا
من الدين.. ولكنه شديد البعد من الكتاب المقدس، وقد ذكر لي سبب ذلك، فقال: لماذا
يشوه الكتاب المقدس سلام المسيح؟
قلت: ما الذي تقصد؟
قال: لقد قرأت في أول شبابي ما جاء عن تسبب المسيح بمقتل ألفي حيوان في وقت
واحد.. كما في (مرقس: 5: 11):(وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ
يَرْعَى عِنْدَ الْجَبَلِ، فَتَوَسَّلَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ إِلَى يَسُوعَ
قَائِلَةً: أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا، فَأَذِنَ لَهَا
بِذَلِكَ، فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ
قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ مِنْ عَلَى حَافَةِ الْجَبَلِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ،
فَغَرِقَ فِيهَا، وَكَانَ عَدَدُهُ نَحْوَ أَلْفَيْنِ)؟
قرأ هذا النص، ثم قال: ما ذنب الخنازير، وما ذنب صاحب الخنازير، حين أراد
إخراج الشياطين من المجنون؟..ألم يكن من الأجدى إخراج الشياطين دون الإضرار
بالخنازير؟!
ثم سكت قليلا، ثم قال: من ذلك اليوم الذي قرأت فيه هذا النص لم أعد للكتاب
المقدس.. فلا أتصور أن الله يقسو على خلقه بهذه الطريقة.