في اليوم الرابع.. كان الحديث عن الماء في القرآن الكريم، وفي العلم..
وقد تحدث علماء الدين بطريقتهم وأسلوبهم الذي تعودنا عليه.. فخلطوا بين
التفسير واللغة والفقه.
وتحدث صديقي عالم المياه عن المياه كما نص عليها العلم..
ولم يكن هناك أي رابط يربط ما ذكره بما ذكروه.
وصاحبي هذا عاشق للمياه بأنواعها، فلا تراه يتحدث إلا عنها، لست أدري سر ذلك
بالضبط.. ولكن البيئة التي ولد فيها ونشأ كانت لها علاقة كبرى بالمياه، فقد كان
يسكن على شاطئ بحر يمتزج بمياه بحيرة تصب فيه، وكان لوالده سفينة صيد تربى صاحبنا
فيها، كما يتربى سائر الصبيان في المحاضن.. لقد كان البحر هو المهد الذي يذكره
بصباه.
وفي كبره، كان أول ما فعله صاحبنا أن اشترى سفينة مجهزة بكل الوسائل التي
يتطلبها البحث في علوم البحار وكنوز البحار.. وكان لا يستقر إلا فيها.. وقد جاب
بها بحار العالم، وهو يتحدث عنها كما نتحدث نحن عن بلدان العالم.
وكان في صاحبنا استعداد كبير للتدين.. فقد كان له من الصفاء النفسي ما
للمياه، وكان فيه من حياة الروح ما لها.
ولكنه صدم بوقائع كثيرة جعلته يسقط في الغفلة لا الازدراء.. فلم يكن يزدري
الدين.. ولكنه لم يكن يجد فيما بين يديه من الأديان من يقنع عقله وروحه التي عشقت
المياه.
في ذلك المساء أرسلت إلى علي بأن نلتقي عند بحيرة عذبة صغيرة كانت تتواجد في
منطقة قريبة من المدينة التي كنا بها.