عند البحيرة الجميلة جلسنا على بعض الصخور المحيطة بها، ورحنا نتحدث مع
صاحبنا عالم المياه عن المياه..
كان أول سؤال خطر على بالي أن أسأله إياه يرتبط بالأصل والمبدأ.. بأصل
المياه على الأرض..
كان صاحبي مغرما بالتفاصيل.. بكل التفاصيل العلمية والتاريخية، فلذلك راح
يبدأ من الأول، فقال: لقد تضاربت آراء العلماء حول أصل الماء علي سطح الأرض تضاربا
كبيرا[1]، ولم يحاول أحدهم ربط ذلك بماء المطر علي الرغم من وضوح ذلك:
ففي الحضارة اليونانية القديمة اقترح أفلاطون(428 ـ348 ق.م.) وجود
خزانات جوفية هائلة علي هيئة عدد من الممرات والقنوات تحت سطح الأرض تقوم بتغذية
جميع أشكال الماء علي سطح الأرض من جداول وأنهار، وبحيرات وبحار ومحيطات وغيرها،
وتخيل أن هذا الخزان المائي الهائل ليس له قاع إذ يتخلل الأرض كلها، وأن الماء
يمور فيه بصفة مستمرة.
أما أرسطو(385 ـ322 ق.م) فقد رفض هذه الفكرة علي أساس أن مثل هذا
الخزان لابد أن يكون أكبر من حجم الأرض لكي يتمكن من الإبقاء علي جميع الأنهار
متدفقة، ونادي بأن هواء باردا في داخل الأرض يتحول إلي الماء كما يتحول الهواء
البارد حول الأرض، واقترح أن تضاريس الأرض العالية تعمل عمل قطع الإسفنج الهائلة
حيث تتشبع بهذا الماء المتكون في داخل الأرض من تكثف الهواء الجوفي البارد، وأنها
تقطر هذا الماء فتغذي به الأنهار والجداول والينابيع.
[1] انظر:
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية، (50) وأنزلنا من
السماء ماء طهورا، الدكتور: زغـلول النجـار، الأهرام: 42182 السنة 126- 3
يونيو 2002 الموافق 22 من ربيع الأول 1423هــ