قال تعالى معبرا عن هذا البرهان:﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ
ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾(الكهف:46)، وقال تعالى:﴿ وَهُمْ فِي مَا
اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾(الأنبياء:102} [1]
^^^
ما وصل علي من حديثه إلى هذا الموضع حتى ارتفع آذان المغرب.. فأحسست
بقشعريرة روحية عالية.. لقد أدركت أن هذا الصوت الذي يتكرر كل حين لا يتكرر عبثا..
ولكني ـ لجبني الشديد ـ لم أستطع أن أتجاوب تماما مع تلك اللذة الروحية
العالية.
لست أدري لم.. ولكن ربما يكون ذلك الخزان الكبير من الشبهات التي تمتلئ بها
نفسي هي السبب في ذلك الإعراض.. لقد كنت أبحث عن أشعة أكثر، فلن يرفع ظلامي إلا
الشمس نفسها.. بنورها ودفئها وجمالها وكمالها.
التفت علي إلينا، وقال: اعذروني.. إن ربي يدعوني للاتصال به.. ولا بد لي أن
أجيبه.
قال ذلك، ثم أخذ من محفظته مصحفا، وسلمه لصديقنا (داروين)، وهو يقول: تقبل
هذه الهدية العظيمة.. إنها كلام الله.. اقرأ هذا الكتاب، وأعد قراءته.. فعساك تظفر
بين حروفه على الحقيقة التي لم يطق لساني أن يبلغها لك.
أخذ (داروين) المصحف، وقال: شكرا لك .. لئن صح ما ذكرت، فإن هذا أكبر تكريم
كرمت به في حياتي جميعا.
ما أمسك (داروين) بالمصحف حتى أحسست بأنوار عظيمة بدأت تنزل عليه.. وبمثله
شعرت بأن بصيصا من النور قد نزل علي.. اهتديت به بعد ذلك إلى شمس محمد a.
[1] هناك تفاصيل
كثيرة أخرى ترتبط بالحياة الآخرة، وما يتعلق بالبرهنة عليها من أدلة، وما يميز
العقيدة الإسلامية في هذا الجانب، وقد تحدثنا بتفصيل عن ذلك في (أسرار الحياة)