الموت، وأنها لا تنطلق إلا بعد حرق الجثة وانفجار الجمجمة ولذا تراهم
يحرقون جثث موتاهم.. والهنادكة والبوذيون يعتقدون بتناسخ الأرواح، وأن الروح
الشريرة تعاد في جسد حقير مثل الكلب والخنزير، وتظل في تلك الدورات حتى تتطهر، وأن
الروح الصالحة الخيرة تظل تنتقل في الأجساد الخيرة حتى تصل مرحلة النرفانا، وهي
السعادة الأبدية المطلقة في الروح المتصلة بالأبد والأزل كما يزعمون.
علي: لا يهم ذلك الاختلاف.. نحن نبحث فقط في اتفاقهم رغم اختلافهم وتنوعهم
على امتداد الحياة، وهذا يظهر من ملاحمهم وأشعارهم وأساطيرهم.
داروين: لقد ذكرت مذاهب الأمم في هذا، ولم تذكر رأي الإسلام فيها.. أتراك
تستحيي من ذكره؟
علي: لا.. بل إن الحقائق التي جاء بها الإسلام في هذا هي الحقائق المنطقية
التي تنسجم مع العقول السليمة [1]..
إن نصوصنا المقدسة تتحدث عن هذه المسألة الخطيرة التي تتوقف عليها سعادة
البشر بكل عقلانية.. إنها لا تخاطبنا فقط بما يملأ نفوسنا من الرغبة والرهبة،
وإنما تخاطب محال التحليل الواعي فينا.
ولن يكفي هذا المقام لذكر كل ما ورد في نصوصنا من ذلك، ولكني أكتفي ببعض ما
ترشد إليه من الأدلة العقلية على امتداد الحياة، لأن وعينا بهذا الامتداد هو الذي
يجعلنا نتقبل بعد ذلك كل ما جاءت به النصوص من الأحداث التي تحصل فيه.
لعل أول ما نراه في القرآن الكريم من الأدلة العقلية على ذلك ما يمكن تسميته
ببرهان المماثلة، فالعالم المماثل لهذا العالم ممكن الوجود، لأن هذا العالم ممكن
الوجود، وحكم