لقد ذكر القرآن الكريم هذا، فالله تعالى أخبرنا أنه ما من صوت من الأصوات،
ولا عمل من الأعمال، ولا حركة من الحركات، إلا وهي مسجلة في سجل الكون، ومدونة في
كتاب الوجود، فليس شيء منها ضائعاً ولا يمكن لشيء منها أن يزول، يقول الله
تعالى:﴿ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1)وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ
أَثْقَالَهَا(2)وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا(3)يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ
أَخْبَارَهَا(4)بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا(5)يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ
أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ(6)فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا
يَرَه(7)وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾(سورة الزلزلة)
وإذا كان الباحثون في هذا الزمان قد اكتشفوا أن كل عمل محفوظ مسجل على صفحة
الوجود، فلماذا سجلت الأعمال إذن؟ ألا تجد العقول جواباً إلا أن تقول سجلت الأعمال
لإعادة عرضها.. ولكنا لا نرى الإعادة في الدنيا، إذاً لا بد أن العرض سيكون بعد
هذه الحياة كما نطق الكتاب وقال المرسلون.
داروين: كل ما تذكره من هذا جميل.. ولكن الفطرة التي نتلمسها في نفوسنا تصيح
بأن الحياة التي نعيشها هي الحياة الوحيدة والنهائية..
علي: أتتحدث عن فطرتك.. أم تتحدث عن الفطر البشرية؟
داروين: الفطرة البشرية واحدة.. وفطرتي هي فطرة جميع الناس من جميع
الأجناس..
علي: ولكن البشرية جميعا بحضاراتها المختلفة، وفي أزمانها المختلفة تكاد
تتفق على هذا.. فجميع الحضارات الإنسانية بما فيها الفرعونية المصرية القديمة
والبابلية والآشورية والصينية والزرداشتية والهندية واليونانية واليهودية
والنصرانية والإسلام تتفق في أن الموت ليس هو نهاية الحياة.
داروين: ولكنهم يختلفون بعد ذلك.. يختلفون كثيرا.. هل تعود الروح إلى هذا
الجسد، أم تعود إلى جسد آخر.. كما تختلف في كيفية خروجها وخلوصها من هذا البدن..
فالبوذيون والهنادكة والشنتو يعتقدون أن الروح تظل حبيسة في الجسد وبالذات في
الجمجمة عند