فكيف تريد منا حضرة الحبر أن نواجههم بيوسف، وهم يواجهوننا
به.
إن القرآن.. كل القرآن.. لم يذكر قصة زنا واحدة.. بل إنه
لا يذكر هذا وغيره إلا مشددا في ذكره محذرا من الاقتراب منه.. لقد ورد في القرآن
هذه الآيات التي نفتقد مثلها في كتابنا المقدس:{ وَلا تَقْرَبُوا
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ }(الأنعام: 151).. { وَلا
تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} (الاسراء:32)
والقرآن يفصل في ذكر الحصون التي تمنع من مجرد الاقتراب من
الفواحش، فيأمر الرجال بغض البصر عن المحارم.. لقد ورد فيه:{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}(النور:30)
وليردع القرآن من الزنا وما يقرب منه وضع الحدود التي تزجر
الشهوات، وتؤدبها، وتبين المحل الخطير الذي تنزل فيه هذه الشهوات من سلم المعاصي..
لقد ورد فيه:{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(النور:2)
بل إن من تمام عقوبة الزاني، ومن مظاهر الدلالة على خطر
الجريمة التي يقع فيها أن يحال بينه وبين العفيفة، وأن يشبه بالمشرك، لقد ورد في
القرآن هذا الزاجر الخطير:{ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ}(النور:3)