لا يكتفي بالهروب من المعصية، بل يؤثر السجن عليها، لقد
ورد في القرآن:{ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا
يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ
وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(يوسف:33)
فهل ترى عفافا فوق هذا العفاف؟
إن هذا الدعاء الذي يفيض من بحار العفاف لا نجده في كتابنا
المقدس مع أنه يقص قصة يوسف من أولها إلى آخرها، ولا يغفل عن أدق التفاصيل.. اسمع
ما ورد في التوراة:( وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف
وقالت: اضطجع معي، فأبى وقال لامرأة سيده: هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت، وكل
ما له قد دفعه إلى يدي، ليس هو في هذا البيت أعظم مني. ولم يمسك عني شيئا غيرك
لأنك امرأته. فكيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله.. وكان إذ كلّمت يوسف يوما
فيوما أنه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها، ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل
البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت، فأمسكته بثوبه قائلة:
اضطجع معي. فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج الى خارج.. وكان لما رأت انه ترك ثوبه في
يدها وهرب الى خارج أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة انظروا. قد جاء إلينا برجل
عبراني ليداعبنا. دخل اليّ ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم. وكان لما سمع أني رفعت
صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج إلى خارج فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء
سيده إلى بيته فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة دخل اليّ العبد العبراني الذي جئت به
إلينا ليداعبني وكان لما رفعت صوتي وصرخت انه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارج فكان
لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمته به قائلة بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك أن
غضبه حمي فأخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين
فيه. وكان هناك في بيت السجن ) (التكوين:39/7-20)
هكذا أرخت التوراة للحادثة.. ألا ترى كيف تتردد كلمة
(اضطجع) ومشتقاتها في هذا النص