قلت: أجل.. فقد اتهم قوم محمد محمدا أنه إنما يعلمه بشر،
ويشيرون إلى رجل أعجمي كان بين أظهرهم، وهو غلام لبعض بطون قريش، وكان بياعا يبيع
عند الصفا، فربما كان محمد يجلس إليه ويكلمه.
قال: ولكن القرآن أخبر أن هذا الرجل كان أعجمي اللسان، لا
يعرف العربية، أو أنه كان يعرف الشيء اليسير منها، بقدر ما يَرُد جواب الخطاب فيما
لا بد منه؛ فكيف يمكن أن يتلقى تعاليم دين كامل من مثل هذا؟
ولهذا ذكر القرآن رادًا عليهم في افترائهم ذلك:{ لِسَانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ }، فكيف
يتعلم من جاء بهذا القرآن، في فَصَاحته وبلاغته ومعانيه التامة الشاملة، التي هي
أكمل من معاني كل كتاب نزل على نبي أرسل، كيف يتعلم من رجل أعجمي؟! إن هذا لا
يقوله من له أدنى مُسْكة من العقل.
بل إن الرد القرآني لا يقتصر على هذا، فقد جاءت الآيات
بعدها تقول:{ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا
يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ
(105)}(النحل)
فهل يمكن لمن ينقل مثل هذا الكلام أن يكون كاذبا على
الله.. لقد كان محمد ـ بشهادة قومه ـ أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علما وعملا
وإيمانا وإيقانا، معروفًا بالصدق في قومه، لا يشك في ذلك أحد منهم بحيث لا يُدْعى
بينهم إلا بالأمين محمد.
قلت: لا بأس.. لقد ذكرت أن هذا الرجل لم يكن له من البلاغة
ما يكفي لأن يتعلم منه محمد.. وأنا أصدقك في ذلك.. فلم يكن للعيي أن يعلم البليغ..
ولكن أليس من الممكن أن يكون محمد قد تعلم من الشعراء والبلغاء الذين كانوا يملأون
جزيرة العرب؟
أنا أروي أبياتا في هذا لشاعر عربي مشهور هو امرؤ القيس..
لاشك أنك تعرفه.. لقد كان