العربية واضحة في هذه الآيات.. فلم يذكر القرآن الزرافة
ولا الغزلان.. بل ذكر الإبل.. ولم يذكر البحار، بل ذكر الجبال..
قال: ألم تقرأ مقدمة الآية.. إنها تدعوهم إلى النظر.. ونظر
العبرة ينصرف إلى أقرب مذكور، أم أنك تريد أن ينقلهم إلى حديقة الحيوانات ليتأملوا
صنعة الله.. وكأن صنعة الله حكر على مكان دون مكان.
فلنترك لفظ (الإبل ) الذي حجبك عن معناه، وننظر إلى غاية
ذكرها في هذا النص، وغاية ذكرها في الشعر الجاهلي.. فهل هما متشابهتان؟
قلت: لاشك أنهما مختلفان، ففي الشعر الجاهلي نجد الوصف
الطويل لها..
قال: لم توصف؟
قلت: هو تقليد ورثوه.. ولعلهم يرون في ذلك الوصف بعض
الوفاء لما تقدمه لهم الإبل من الخدمات.
قال: وفي القرآن.. لم أمر بالنظر إلى الإبل؟
قلت: للتعرف على الله وعلى قدرات الله وعلى أفضال الله.
قال: فالقرآن قد نقلهم من عالم إلى عالم.. نعم هو استعمل
عالمهم.. ولا بد أن يستعمل ما عرفوه لينتقل بهم إلى ما لم يعرفوه.
دعنا من هذا.. فأنت تعلم أن قارئ القرآن لا يستطيع أن يعرف
بيئة القرآن.. فهو لا يذكر شيئا من تلك البيئة، ولا شيئا من الأسماء التي اعتاد
بلغاؤهم على ذكرها.
قلت: هذا صحيح..
قال: فلنعد للكتاب المقدس.. ألست ترى فيه تأثير البيئة
بعيدا؟
قلت: ما تقصد؟
قال: ألست تقرأ في الكتاب المقدس التفاصيل الطويلة
المرتبطة بأنسابهم وحكامهم