وهذه النعم المذكورة في القرآن الكريم مجرد نماذج، أو هي جوامع النعم، أما تفاصيلها، وعدها، فهو مستعص غير ممكن، قال تعالى:P وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ O (ابراهيم:34)
وتأتي الفاصلة في آية أخرى لتخبر بأن الله غفور رحيم، قال تعالى:P وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ O (النحل:18)
وكأن الأولى تشير إلى الإنسان الجاحد المقصر في ذكر النعم، والثانية تشير إلى الشاكر العاجز عن إحصائها.
السلوك:
قلت: وعيت كل ما ذكرته.. ولعلي أسلم له.. ولكني لست أدري علاقته برحمة الله.
قال: إن ما ذكرته لك مظهر عظيم من مظاهر الرحمة.. لكننا – للأسف - نجد أنفسنا تنشغل عنه بمتاع زائل قليل كما انشغل ذلك الفيلسوف بوصف الجواهر عن الاهتمام بالمعاني التي تكتبها الجواهر.
قلت: أنا لا أزال في غفلتي.. ولذلك أنا أحتاج منك أن تفسر لي علاقة ذلك بالرحمة.
قال: لقد شغلني في بداية طلبي ما شغلك.. وقد سألت عما سألتني عنه بديع الزمان.. أذكر ذلك اليوم جيدا..
لقد نظر إلي حينها، وقال مخاطبا لي كما تعود أن يخاطبني[329]: إن مَثَل بناء هذا العالم وإدخال العالم الانساني فيه، كمثل سلطان له خزائن فيها أصناف الجواهر، وله كنوز مخفية،