والتوجه
السلوكي فيها يدعوها أحيانا إلى تقييد المطلق من العبادات بالعدد والزمان
ونحوه، وهذا مما لا يرتضيه الطرف المتشدد في مفهوم البدعة، وقد عبر الشيخ ابن عليوة في رده على الشيخ عثمان
بن مكي صاحب (المرآة لإظهار
الضلالات) عن موقف الطرق الصوفية
من البدعة، فقال: (وحتى لو قلنا إنّ ما عليه القوم أنّه بدعة إلا يصلح أن يكون من
البدع المستحسنة المسمّاة بالسنّة المأخوذة من قوله عليه الصلاة والسلام، فعن ابن
جرير عن أبيه قال : قال رسول الله a : ( من سنّ سنّة حسنة
فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا
ينقص من أجورهم شيئا، ومن سنّ سنّة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها
من بعده لا ينقص من أوزارهم شيـئا)[2] رواه ابن ماجة في سننه، فتأمّل كيف
سمى البدعة سنّة، ألم يبلغك أنّ الاجتماع على قيام رمضان في المساجد هو ما ابتدعه
عمر بن الخطاب فكان سنّة متبعة، وقال
فيها فنعمت البدعة..ثمّ إنّك أخذت في تزييف البدع وفي ظنّي أنّك لا تميّز بين
البدعة المستحبّة المعروفة بالسنّة، وبين ما هي خلاف ذلك، قال الإمام الشافعي : ( إنّ البدعة ما
خالفت كتابا أو سنّة أو إجماعا أو أثرا، وما لم يخالف شيئا من ذلك فهي المحمودة )،
وفي ظنّي أنّك تسلم أنّ الاجتهاد من خصائص هذه الأمّة، وتعلم أنّ أركان الدين
الثلاثة ( الإسلام، الإيمان، الإحسان )، فلم تسلم اجتهاد الأئمة الأربعة ونحوهم في
مقام الإسلام، وتسلم اجتهاد الأشعري والماتريدي في الاعتقاد
الذي هو مقام الإيمان، ولا تسلم اجتهاد الجنيد وعصابته في مقام
الإحسان، وهل تعتبر الإحسان ركنا ؟، لا، والله ما هكذا ظنّي فيكم إن تغفلوا عن
الأهم)[3]