نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 60
ونياتها، وهو منهج يطغى على التيار السلفي
عموما في مناقشاته مع الآخر.
يقول ابن باديس مقارنا بين شيخيه
النخلي وابن عاشور: (مات الأستاذ النخلي على ما عاش عليه، وبقي الأستاذ ابن عاشور
حتى دخل سلك القضاء، فخبت تلك الشعلة وتبدلت تلك الروح فحدثني من حضر دروسه في
التفسير أنه- وهو من أعرف إنكاره على الطرق اللفظية وأساليبها- قد أصبح لا يخرج عن
المألوف في الجامع من المناقشات اللفظية على طريقة عبد الحكيم في مماحكاته وطرائق
أمثاله وبقي حتى تقلد خطة شيخ الإسلام، ووقف هو وزميله الحنفي في مسألة التجنيس
المعروفة منذ بضع سنوات، ذلك الموقف حتى أصبح اسمه لا يذكر عند الأمة التونسية إلا
بما يذكر به مثله. وها هو اليوم يتقدم بمقال نشره بجريدة (الزهرة) في عدد يوم
الاثنين الرابع عشر من هذا الشهر الحرم يقاوم فيه السنة ويؤيد فيه البدعة ويغري
السلطة بالمسلمين.. فهل ابن عاشور هذا اللقب بشيخ الاسلام، هو ابن عاشور أستاذي
الذي أعرف؟ لا! ذلك رجل آخر مضى قضى عليه القضاء وأقبرته المشيخة، وقد أديت له حقه
بما ذكرته به. وهذا مخلوق آخر ليس.. موقفه اليوم أول مواقفه ولا أحسبه يكون آخرها.
وإنني لا أود أن يكون آخرها فإن المسلمين اليوم بأشد الحاجة إلى معرفة ما ينطوي
عليه مثله ممن ينتحلون ألقابا مخترعة في الإسلام، ولا يفضحهم مثل مقال هذا الرجل)[1]
بعد هذا، وفي أعداد تالية من البصائر، بدأ الشيخ عبد
الحميد بن باديس يناقش شيخه في المسألة، ويعتمد في الأدلة
التي يسوقها على نفس الأدلة التي اعتمد عليها قبله الشاطبي في الاعتصام، بل يحاكم شيخه إلى الشاطبي مع أن الشيخ ابن عاشور ــ كما يرى كل
باحث منصف ــ لا يقل في فقهه وفهمه للمقاصد عن الشاطبي نفسه.