ولهذا فإن الغزالي ألف في المنطق مجموعة كتب[2]، وأدخل المنطق كتمهيدات لبعض العلوم كعلم الأصول، فقد
كان يقدم له قبل الغزالي بمقدمات كلامية كتأسيس فكري لقضايا أصول الفقه وربطها بأصول
الدين، فرأى الغزالي أن الأولى ربطها بالمنطق لحاجة علم الأصول لقضايا المنطق، يقول
الغزالي عن مقدمة المستصفى: (وليست هذه المقدمة من جملة علم الأصول ولا من مقدماته
الخاصة به، بل هي مقدمة العلوم كلها، ومن لا يحيط بها، فلا ثقة بعلومه أصلا) [3]،وقد بدأ بهذا الاهتمام بالمنطق عند الغزالي عهد جديد
للثقافة الإسلامية، امتزجت فيه بقضايا وأساليب المناطقة[4].
وقيمة منطق الغزالي ترجع إلى توجيهه الوجهة الإسلامية، وتخليصه من ظلال التصور
اليوناني، وتوظيفه توظيفا يتلاءم مع العقائد الإسلامية، كما نجد ذلك في كتابه (معيار
العلم) الذي عرض فيه مباحث المنطق عرضا مبسطا مستعملا الأمثلة الفقهية، هادفا من ذلك
إلى أمرين:
1.
تفهيم طرق الفكر والنظر باعتبار المنطق بالنسبة إلى أدلة العقول
كالعروض بالنسبة إلى الشعر، والنحو بالإضافة إلى الإعراب.
2.
بيان أن النظر في الفقهيات لا يخالف النظر في العقليات في ترتيبه
وشروطه، وإنما
[2]
هي: معيار العلم في فن المنطق، ومحك النظر، والقسطاس المستقيم، وبعض فصول من مقدمة
مقاصد الفلاسفة، ومقدمة المستصفى من علم الأصول، ومقدمة الاقتصاد في الإعتقاد.