نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 156
أما الخواص فإنهم يتحققون ـ كما يرى
الغزالي ـ بتلك المعارف كشفا وعيانا، وغيرهم يعرفها بيانا وبرهانا، مع أن الحقائق واحدة،
ولهذا يحتاج غير المكاشف إلى كثرة أدلة ووصف، بخلاف من حصل له ذلك كشفا وذوقا وتحقق
به، فإنه يتعجب من الحاجة إلى الدليل والوصف، بل يرى في الوصف إخلالا بحق الموصوف[1].
ولهذا فإن إقحام الأحكام العقلية المحكومة بالحس والوهم في مجال معرفة الألوهية
أو عالم الغيب خطأ فادح وخطر جسيم، لأنه قياس للغائب بالشاهد، وحكم على الله بصفات
عباده، يقول الغزالي: (أما ميزان الرأي والقياس، فحاشا لله أن أعتصم به، فذلك ميزان
الشيطان، ومن زعم من أصحابي أن ذلك ميزان المعرفة، فأسأل الله تعالى أن يكفي شره عن
الدين، فإنه للدين صديق جاهل، وهو شر من عدو عاقل)[2]
وفي غير هذا المجال، ينتصر الغزالي للمنطق،
ويعتبره غير غريب عن الإسلام أو الفكر الإسلامي، وليس دخيلا مع الفلسفة كما يتصور البعض،
يقول الغزالي:(ولكن المنطق ليس مخصوصا بهم [أي بالفلاسفة ]، وإنما هو الأصل الذي نسميه
في فن الكلام (كتاب النظر)، وقد نسميه (كتاب الجدل)، وقد نسميه(مدارك العقول)؛ فإذا
سمع المتكايس المستضعف اسم (المنطق) ظن أنه فن غريب لا يعرفه المتكلمون، ولا يطلع عليه
إلا الفلاسفة)[3]، ومع ذلك فإن المنطق المترجم مع الفلسفة اليونانية نفسه لا يمكن رفضه لأنه
لا تعلق له بالدين نفيا أو إثباتا، بل هو النظر في طرق الأدلة والمقاييس، وأن العلم
إما تصور