ولكن أهم كتاب ألفه فيه، وأشار إليه كثيرا معتبرا إياه الميزان الذي ينفي
الخلاف عن الخلق هو (القسطاس المستقيم) الذي وضعه في الأصل ردا على الباطنية.
يقول عنه في المنقذ من الضلال ـ مع التذكير بأنه ألفه في المرحلة الأخيرة
من حياته ـ: (أقول:قواعد العقائد يشتمل عليها الكتاب والسنة وما وراء ذلك من التفصيل
والتنازع فيه يعرف الحق فيه بالوزن بالقسطاس المستقيم، وهي الموازين [2]التي ذكرها الله تعالى في كتابه، وهي خمسة، ذكرتها في
كتاب القسطاس المستقيم)[3]
ومع أن تلك الموازين التي وضعها الغزالي مطابقة للموازين المنطقية اليونانية
إلا أن للغزالي أهدافا أخرى وراء تلك الصياغة الجديدة لعلم المنطق لعل أهمها تقريب
المنطق والاحتجاج له بالأمثلة من القرآن الكريم لصنفين من الناس:
1.
الذين استهوتهم الفلسفة بما فيها من علوم عقلية، فخلطوا بين حقها
وباطلها، وظنوا التناقض بين العلوم النقلية والأحكام العقلية.
2.
العلماء النصيين الذين رفضوا المنطق باعتباره فلسفة وعلما غريبين
عن الدين.
وذلك زيادة على الغرض الأصلي، وهو مناقشة
الباطنية، يقول الغزالي: (لا يتصور أن يفهم ذلك الميزان ثم يخالف فيه أهل التعليم
لأني استخرجته من القرآن وتعلمته منه،
[1]
معيار العلم ص59 ـ 60 وسبب الخلاف بين المآخذ الشرعية والمآخذ العقلية أن المقدمات
العقلية تؤسس على البديهيات بخلاف المقدمات الفقهية المؤسسة على مسلمات شرعية.