و هو ينبه إلى دور معرفة أفعال الله تعالى، سواء ما ظهر منها في عالم الشهادة،أو
ما بطن في عالم الغيب والملكوت، في التحقق بمعرفة الله تعالى بقوله: (ليس من يعلم أنه
تعالى عالم قادر على الجملة كمن شاهد عجائب آياته في ملكوت السماوات والأرض وخلق الأرواح
والأجساد، واطلع على بدائع مملكته وغرائب الصنعة، ممعنا في التفصيل، ومستقصيا دقائق
الحكمة، ومستوفيا لطائف التدبير)[2]
السلوك إلى الله تعالى:
وهو الطريق الذي يصفه القرآن الكريم للوصول إلى الله تعالى، ويرى الغزالي
اجتماع كل سبل القرآن ومناهجه السلوكية في التبتل [3]، وهو الانقطاع التام لله تعالى والتفرغ له كما قال تعالى: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا
﴾(المزمل:8)
وعمدة السلوك القرآني أمران: الملازمة والمخالفة، أما الملازمة فهي الانشغال
التام بذكر الله تعالى، وأما المخالفة فهي ترك كل ما يشغل عن الله، ونتيجة هذا السلوك
هي بلوغ الفلاح كما قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾(الأعلى: 14، 15) [4]
وقد جمع الغزالي الآيات المرشدة إلى
طريق السلوك في كتابه (جواهر القرآن
[3]
التبتل ـ لغة ـ يعني الانقطاع ، يقال للعابد إذا ترك كل شيء، وأقل على العبادة
قد تبتل، أي قطع كل شيء إلا أمر الله وطاعته، انظر: ابن منظور، لسان العرب 11/42
رقم 6643.