ومن ذلك
استدلالهم بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ
إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33]، فقد تصوروا أن
الله تعالى اصطفى آدم عليه السلام عبر طفرة جعلته مخالفا للجنس السابق الذي كان
عليه أجداده.
وغفلوا عن أن
الله تعالى ذكر اصطفاء نوح وآل عمران، فهل كان اصطفاؤهما أيضا عبر طفرة ميزت بينهم
وبين آبائهم وأجدادهم؟
بل إن القرآن
الكريم ذكر سنته في الاصطفاء؛ فقال: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى
عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59]،
وقال: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ
بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } [فاطر: 32]
وذكر نماذج عن
ذلك الاصطفاء، ومنهم مريم عليها السلام، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ
الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ
عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ } [آل عمران: 42]