نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 132
بإدخالهم النار، وذلك باستعمال الفاء التي
تفيد الترتيب والتعقيب.
ولم يكتف القرآن
الكريم بهذه الشواهد الواضحة، والتي لا تتعارض مع كون العذاب الحقيقي هو عذاب
الآخرة، لأن ما دونه لا يساوي شيئا بجانبه، وإنما ذكر هذا العذاب بصيغة صريحة لا
يمكن لأحد أن يجادل فيها، فقال عن قوم فرعون: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا
مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ
فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [غافر: 45، 46]
فقد أخبر أنهم
وفي الوقت الحالي يعرضون على الناس غدوا وعشيا، وذلك ما يعني حياتهم في البرزخ على
عكس ما يصور المنكرون لعذاب القبر، وهي أيضا تؤكد ما ذكرنا من أن العذاب الشديد
يكون في الآخرة، لا في البرزخ، وبذلك يجمع بين الآيات التي تخبر عن تأجيل العذاب
إلى الآخرة، وبين سائر الآيات.
ولم يملك صبحي
منصور بعد إيراده لهذه الآيات الكريمة إلا أن يسلم بها، لكنه راح يحتال عليها بكون
عذاب البرزخ مرتبطا فقط بآل فرعون، ولسنا ندري ما وجه التخصيص، مع أن القرآن
الكريم يعتمد الأمثال والنماذج ليقرر الحقائق، والعاقل هو الذي يفهم الحقائق
بإطلاقها، لا ذلك الذي يقصرها على شواهدها.
وهكذا نرى
القرآن الكريم يرد على تلك الشبه التي يتعلق بها التنويريون، والذين يوردون بعض
الآيات التي تتحدث عن كون أهل البرزخ يذكرون بعد بعثهم بأنهم كانوا في مرقد كقوله
تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ
يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا
وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 51، 52] بآيات كثيرة تقرر وجود
حياة حقيقية عند البرزخ.
ومن أمثلة ذلك
قوله تعالى عن الشهداء: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 132