نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 131
ثم عقب على ذلك
بقوله: (فإن قلت فما ذكرته
يقتضي أن تسرع النار إليه عقيب موته فما باله يؤخر إلى يوم القيامة، ويمهل طول هذه
المدة؛ فاعلم أن كل من أنكر عذاب القبر فهو مبتدع محجوب عن نور الله تعالى وعن نور
القرآن ونور الإيمان، بل الصحيح عند ذوي الأبصار ما صحت به الأخبار وهو أن القبر
إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة، وأنه قد يفتح إلى قبر المعذب سبعون
بابا من الجحيم، كما وردت به الأخبار فلا تفارقه روحه إلا وقد نزل به البلاء إن
كان قد شقي بسوء الخاتمة، وإنما تختلف أصناف العذاب باختلاف الأوقات فيكون سؤال
منكر ونكير عند الوضع في القبر، والتعذيب بعده، ثم المناقشة في الحساب، والافتضاح
على ملأ من الأشهاد في القيامة، إلى آخر ما وردت به الأخبار فلا يزال الشقي مترددا
في جميع أحواله بين أصناف العذاب وهو في جملة الأحوال معذب إلا أن يتغمده الله
برحمته)[1]
وهكذا نجد
الآيات القرآنية الكثيرة تخبر بأن العذاب يبدأ مباشرة بعد الموت، وذلك باستعمال
الفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى عن آل فرعون: {كَدَأْبِ
آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ
فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
[الأنفال: 52]
ومن أمثلة ذلك
قوله تعالى عن قوم نوح عليه السلام: { مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا
فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا }
[نوح: 25]؛ فقد أخبر الله تعالى أن قوم نوح عليه السلام، عذبوا عذابين: عذابا في
الدنيا بغرقهم، وعذابا في البرزخ