نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 130
وليس عدما، كما قال تعالى: { الَّذِي خَلَقَ
الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2]
وقد قال الغزالي
مقررا هذه الحقيقة عند بيانه لمعنى سوء الخاتمة: (اعلم أن سوء الخاتمة على رتبتين:
إحداهما أعظم من الأخرى؛ فأما الرتبة العظيمة الهائلة فأن يغلب على القلب عند
سكرات الموت وظهور أهواله إما الشك وإما الجحود، فتقبض الروح على حال غلبة الجحود
أو الشك فيكون ما غلب على القلب من عقدة الجحود حجابا بينه وبين الله تعالى أبدا،
وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد.. والثانية وهي دونها أن يغلب على قلبه
عند الموت حب أمر من أمور الدنيا وشهوة من شهواتها؛ فيتمثل ذلك في قلبه ويستغرقه
حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع لغيره؛ فيتفق قبض روحه في تلك الحال؛ فيكون
استغراق قلبه به منكسا رأسه إلى الدنيا وصارفا وجهه إليها، ومهما انصرف الوجه عن
الله تعالى حصل الحجاب، ومهما حصل الحجاب نزل العذاب، إذ نار الله الموقدة لا تأخذ
إلا المحجوبين عنه، فأما المؤمن السليم قلبه من حب الدنيا المصروف همه إلى الله
تعالى، فتقول له النار: جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي، فمهما اتفق قبض الروح في
حالة غلبة حب الدنيا، فالأمر مخطر لأن المرء يموت على ما عاش عليه، ولا يمكن
اكتساب صفة أخرى للقلب بعد الموت تضاد الصفة الغالبة عليه، إذ لا تصرف في القلوب
إلا بأعمال الجوارح، وقد بطلت الجوارح بالموت فبطلت الأعمال فلا مطمع في عمل ولا
مطمع في رجوع إلى الدنيا ليتدارك)[1]