نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 129
[الواقعة: 83 -
94]
وهكذا أخبرنا عن
فزع الإنسان عند اكتشافه لحقيقة المصير الذي سيصير إليه مباشرة بعد موته؛ فقال: {حَتَّى
إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ
صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ
بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون: 99، 100]
وذكر لنا بعض
العذاب الذي يصيبهم في حال الاحتضار بمجرد توفر القابلية لهم للخروج لعالم البرزخ؛
فقال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ
يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ
لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: 50، 51]، وقال: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ
الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
} [محمد: 27، 28]
ولذلك، فإن
القرآن الكريم لا يخبرنا فقط عن وجود عذاب القبر، أو عذاب البرزخ، وإنما يخبرنا
أيضا، بأن العذاب يبدأ من لحظات الاحتضار نفسها.
وهو نفس ما قرره
الحكماء والفلاسفة والروحانيين بناء على تصوراتهم للنفس الناطقة، وعلاقتها
بالحقائق، وتأثيرها فيها، وهو ما يدل على أن عذاب القبر ليست قضية نصية فقط، بل
يدل عليها العقل المجرد أيضا، ذلك أن القول بعدم البرزخ يعني العدم المطلق، وهو ما
لم يرد عليه أي دليل، فالموت حالة من حالات الإنسان،
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 129