بعد هذا فإنا نبادر أولئك الذين يميعون
القضايا، ويقولون ـ كما تعودنا أن نسمع منهم ـ: ما الحاجة لطرح لمثل هذه الأمور
التي لا يتعلق بها عمل؟
والجواب بسيط وشرعي وأخلاقي.. وهو أننا
في في غمرة انتصاراتنا لأهوائنا وذواتنا وأنفسنا وسنتنا المذهبية رحنا نضحي بسمعة
رسول الله a حين نصوره وهو يتعلق بفتاة
صغيرة، يسدي لها كل حين أنواع التكريم والتبجيل والتعظيم في نفس الوقت الذي يغفل
فيه عن الزوجة التي ساندته لأكثر من خمس وعشرين سنة، وضحت بكل شيء في سبيل
الإسلام، وكأننا من حيث لا نشعر نشبهه بأولئك السياسيين الذين إذا ما ارتقى أحدهم
في مرتبة من مراتب السلطة ينسى التي عاش معها شظف العيش، والتي أعانته ليصل إلى ما
وصل إليه، ليبدأ حياته مع صبية من الصبايا، يعطيها كل شيء.
ليس ذلك فقط، بل نقوم بتمييز عنصري خطير
بين زوجات الرسول a،
حين نصوره، وكأنه لم يكن يعدل بين زوجاته.. بل نحتقر الكثير من زوجاته من حيث لا
يشعر حين نقارن علاقته بسودة أو أم سلمة أو غيرهما من نسائه بعلاقته مع عائشة..
وكأن رسول الله a ذلك الإنسان الكامل الممتلئ
بالزهد والعفاف والمتوجه بكل روحانية لله رب العالمين لا يختلف عن أي إنسان آخر
مسجون في قيود غريزته وأهوائه.
مع أنه قد روي في السيرة المطهرة أن
المشركين عرضوا على رسول الله a أجمل
نسائهم مع كل مفاتيح الدنيا التي يملكونها، ومع ذلك قال لهم: (والله لو وضعوا
الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك
فيه ما تركته)[1]