وقد ذكر الامام
البزدوي، وهو أحد مشايخ الماتريدية الكبار في القرن الخامس المسائل الكبرى للخلاف
بين الأشاعرة والماتريدية، وأنها لا تعدو مسائل معدودة، فقال: (وأبو الحسن الأشعري
وجميع توابعه يقولون إنهم من أهل السنة والجماعة، وعلى مذهب الأشعري عامة أصحاب
الشافعي، وليس بيننا وبينهم خلاف إلا في مسائل معدودة)[1]
ومن تلك
المسائل قول الماتريدية بوجوب معرفة الله تعالى
عقلا وفاقا للمعتزلة، وخلافا للأشاعرة الذين يرون الوجوب شرعيا لا عقليا، أو كما قال العضدي في المواقف: (النظر إلى معرفة
الله واجب إجماعا، واختلف في طريق ثبوته، فهو عند أصحابنا السمع، وعند المعتزلة
العقل)[2]
وعلى خلافهم الماتريدية
التي عبر عن مذهبها في هذا البياضي بقوله: (ويجب بمجرد العقل في مدة الاستدلال،
معرفة وجوده، ووحدته، وعلمه، وقدرته، وكلامه، وإرادته، وحدوث العالم، ودلالة
المعجزة على صدق الرسول، ويجب تصديقه، ويحرم الكفر، والتكذيب به، لا من البعثة
وبلوغ الدعوة)[3]
ومن تلك
المسائل قول الماتريدية بالتحسين والتقبيح العقليين وفاقا للمعتزلة، وخلافا
للأشاعرة الذين يرون التحسين والتقبيح يعرفان بالشرع لا بالعقل.
قال البياضي:
(والحسن بمعنى استحقاق المدح والثواب، والقبح بمعنى استحقاق الذم والعقاب على
التكذيب عنده (أي عند أبي منصور الماتريدي) إجمالا عقلي، أي يعلم به حكم الصانع في
مدة الاستدلال في هذه العشرة ـ إشارة إلى ما ذكره
[1]
اصول الدين للامام محمد بن محمد بن
عبد الكريم البزدوي: ص ٢٤٢.