بتكفير
الشيعة، وآثار ذلك التكفير [1].. أما أسباب التكفير والرد عليها، فقد ذكرناها في
محل آخر من كتبنا، لأن غرضنا من هذا الكتاب هو بيان تكفير السلفية للأمة جميعا.
أولا ـ تكفير السلفية المتقدمين للشيعة.
تنقل المصادر المسندة للسلفية
الكثير من النصوص ـ التي لا ندري مدى صحتها ـ عن أئمة السلفية الأوائل، وحملتهم
الشديدة على الشيعة..
وهي ـ إن صحت ـ تنم عن حقد
شديد لا يتناسب مع أولئك الأعلام الكبار، وربما يكونون قد قالوا ذلك ـ في حال صحته
ـ إرضاء للسلطات الأموية الحاكمة التي جعلت مشروعها الأكبر حرب الإمام علي
وذريته.. حتى وصل الأمر في ذلك العصر إلى اعتبار التسمية بعليّ محظورة إلاّ لبني
هاشم، فكان بعضهم يخاف من اسمه، فيصغّره، ويقول: انا عُلَيّ ولست بعلي.. قال قتيبة
بن سعيد سمعت الليث بن سعد يقول: قال عليُّ بن رباح: (لا أجعل في حلٍّ من سمّاني
عُلَيّاً فإن اسمي عَلِيّ)، وقال سلمة بن شبيب: (سمعت أبا عبد الرحمن المقرىء يقول:
كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه عَلِيّ قتلوه، فبلغ ذلك رباحاً فقال: هو
عُلَيّ، وكان يغضب من (عَلِيٍّ) ويُحرّج على من سمّاه به)[2]
بالإضافة إلى أن المقصود
بالتشيع في ذلك الحين ليس المذهب المعروف، وإنما كان مجرد محبة الإمام علي، أو
تقديمه على سائر الصحابة، كما نص على ذلك ابن حجر في قوله: (والتشيع محبـة علي
وتقديمه على الصحابة، فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو
[1] يتصور البعض أن هذا الموقف
التكفيري خاص بالشيعة الإمامية الاثني عشرية، وهذا غير صحيح، فالشيعة الزيدية أيضا
مشمولون بالتكفير السلفي، بناء على عقائدهم التي لا تختلف عن عقائد المعتزلة،
والتي يتفق السلفية جميعا على تكفير القائل بها، وقد شن الوادعي السلفي حملة شديدة
عليهم، وقد سُئل عنهم فقال: هم بعيدون عن السنة، ثم ذكر مقولة: ائتني بزيدي صغير
أخرج لك منه رافضياً كبير (انظر: بغية الطالب الألمعي لفتاوى المحدث العلامة مقبل
بن هادي الوادعي (ص 3)