مقدار ثقتي بهم في حقوق المسلمين فوجدت
عشرين منهم متساهلين لا يؤتمنون على الحقوق، وحين دققت النظر في السبب تبين لي
أنهم جميعاً تيجانيون، فبقيت متحيرا حتى انكشف لي أن السبب هو اتكالهم على أنه لا
حساب ولا عقاب يترصدهم فانتزع الخوف من صدورهم)[1]
وقد علق ابن باديس على هذه الحكاية بقوله: (هذا في العدول
وهم من أهل العلم فكيف بالعامة؟ فهذه الطريقة ما وضعت إلا لهدم الإسلام، ولا أجزم
بأن صاحبها هو الذي وضعها هذا الوضع فقد يكون فيمن أتصل به من كاد هذا الكيد،
ودسّ، وليس مثل هذا الكيد جديداً على الإسلام)[2]
وقد كان الأجدى بابن باديس مع مكانته الاجتماعية أن
يتصل بمشايخ وعلماء التيجانية الكثيرين، ليستوضح منهم حقيقة ما ينسب إليهم، ولا
يرجع في ذلك إلى استفتاء أو إلى كتب لا ندري من طبعها، خاصة إذا أنكرها علماء
التيجانية[3]، وتبرأوا مما فيها.
ولو أنه رجع في هذا إلى كثير من علماء
التيجانية لوجدهم يردون هذه الشبهة، ويصرحون بأنها لا تمت إلى الواقع بصلة، بل لو
أنه رجع إلى شيخ الطريقة التيجانية في ذلك الحين، وهو الشيخ محمد الحافظ المصري الذي زار الجزائر في ذلك
الوقت لوجده يتبرأ من تلك الشبهة.
وللأسف فإن هذه الشبهة لا تزال تطرح على
الرغم من المؤلفات الكثيرة التي ألفها التيجانيون في الرد عليها، مع أن المسائل
المرتبطة بالردة يكفي فيها مجرد تصريح الشخص بتراجعه أو براءته أو عدم فهم المخالف
له لتنفى عنه التهمة.