غيابهم وبعد موتهم فيدعونهم
ويستغيثون بهم في جميع أحوالهم سواءً في الرخاء، أو الشدة، بل في الشدائد لا
يلجأون إلاَّ إليهم. ويذبحون وينذرون لهم ويطوفون بقبورهم، ويتبرَّكون بها،
ويُعفِّرون وجوههم في ترابها، ويبكون عندها، ويتذللون لأصحابها، ويخشعون عندهم
أكثر من خشوعهم لله، ويخافون منهم وهم أموات أشد من خوفهم من الله، لذلك قد يحلف
أحدهم بالله كاذباً، ولا يحلف بشيخه إلاَّ وهو صادق. ويثنون على الصالحين أكثر من
ثنائهم على الله، ويلهجون بذكرهم، وإذا عبدوا الله عبدوه بالبدع المحدثات والأمور
المنكرات، فتجد أحدهم يرقص الليل كلّه ويستمع الدفوف والألحان ظناً منه أنها تقربه
من الله، بل تجد أحدهم يذكر الله آلاف المرات بذكر مبتدع ما أنزل الله به من سلطان،
فصاروا بهذه الاعتقادات والأعمال والأقوال من أشرِّ أهل الأرض، وأخبثهم، ومن أكفر
الناس على الإطلاق)[1]
وهكذا صار الصوفية بل الأمة
جميعا من من (أشرِّ أهل الأرض، وأخبثهم، ومن أكفر الناس) لا لشيء إلا لكونهم لم
يستأذنوا ابن تيمية ولا ابن عثيمين ولا السدحان في أي ذكر يريدون أن يذكروا الله
به، أو في أي بيت شعر يريدون قراءته أو سماعه.
ثم قال ـ مبينا سبب اختياره
للبرعي ـ: (ومِن هؤلاء الذين أفنوا أعمارهم في محاربة الموحِّدين، والاستهزاء بهم،
والتنفير منهم، والدعوة لهذا الفساد العظيم والشرّ الجسيم، صوفي يُدعى عبد الرحيم
البرعي.. فهو من الشعراء الذين يُكثرون من مدح النبي k والأولياء
الصالحين، لكنَّه مع ذلك ما ترك معتقداً كفرياً فاسداً يعتقده غلاة المتصوفة، إلا
وصرّح به في هذا المديح، فبدا جلياً خبث منهجه، وسوء معتقده، وهو وأتباعه على شفا
هلكة، وعلى خطر عظيم، إن لم يرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه مما يعتقدونه ويدعون