وقال حافظ بن
أحمد الحكمي: (القرآن (ليس بمخلوق) كما يقول الزنادقة من الحلولية والاتحادية
والجهمية والمعتزلة وغيرهم تعالى الله عن أن يكون شيء من صفاته مخلوقاً.. وقد
انعقد إجماع سلف الأمة الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون على تكفير من قال بخلق
القرآن وذلك لأنه لا يخلو قوله من إحدى ثلاث: إما أن يقول إنه خلقه في ذاته أو في
غيره أو منفصلا مستقلا وكل الثلاث كفر صريح، لأنه إن قال خلقه في ذاته فقد جعل
ذاته محلا للمخلوقات، وإن قال إنه خلقه في غيره فهو كلام ذلك الغير فيكون القرآن
على هذا كلام تالٍ له.. وإن قال إنه خلقه منفصلا مستقلا فهذا جحود لوجوده مطلقا إذ
لا يعقل ولا يتصور كلام يقوم بدون متكلم كما لا يعقل سمع بدون سميع ولا بصر بدون
بصير ولا علم بدون عالم ولا إرادة بدون مريد ولا حياة بدون حي إلى غير ذلك تعالى
الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، فهذه الثلاث لا خروج لزنديق منها
ولا جواب له عنها فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين وقطع دابر القوم
الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)[1]
بل إن سلف
السلفية وخلفهم لم يكتفوا بتكفير من يقول بخلق القرآن، بل ذهبوا إلى تكفير من توقف
في تكفيره..
حيث يروون عن
يحيى بن خلف المقرئ قوله: (أتيت الكوفة فلقيت أبا بكر بن عياش؛ فسألته: ما تقول في
من قال: القرآن مخلوق؟ فقال: كافر، وكل من لم يقل: إنه كافر؛ فهو كافر. ثم قال:
أيُشك في اليهودي والنصراني؛ أنهما كافران؟ فمن شك في هؤلاء أنهم كفار؛ فهو كافر،
والذي يقول: القرآن مخلوق. مثلهما)[2]
ويروون عن يزيد
بن هارون قوله: (من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن لم
[1] معارج القبول
بشرح سلم الوصول لحافظ بن أحمد الحكمي، 1/ 337.