بحكمه ولاسلموا له، وأنما
يحصل تعظيم الرسول k بتعظيم
أمره ونهيه. وهؤلاء المشركون عكسوا الأمر فخالفوا ما بلَّغ به الأمة، وأخبر به عن
نفسه k فعاملوه بما نهاهم عنه: من
الشرك بالله، والتعلق على غير الله)[1]
وهكذا قال علامتهم المحدث
سليمان بن عبدالله، والذي علق على الأبيات السابقة وغيرها بقوله: (فتأمل ما في هذه
الأبيات من الشرك.. منها: أنه نفى أن يكون له ملاذٌ إذا حلت به الحوادث، إلا النبي
k، وليس
ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.. الثاني: أنه دعاه
وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب
إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية.. الثالث: سؤاله منه أن يشفع له، وهذا هو
الذي أراده المشركون ممن عبدوه، وهو الجاه والشفاعة عند الله، وذلك هو الشرك،
وأيضاً فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره، فإن الله
تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداء.. تناقض عظيم وشرك
ظاهر، فإنه طلب أولاً أن لا يضيق به جاهه، ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلاً وإحساناً،
وإلا فيا هلاكه. فيقال: كيف طلبت منه أولاً الشفاعة ثم طلبت منه أن يتفضل عليك،
فإن كنت تقول: إن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله، فكيف تدعو النبي k وترجوه وتسأله الشفاعة؟ فهلا سألتها من
له الشفاعة جيمعاً، الذي له ملك السموات والأرض، الذي لا تكون الشفاعة إلا من بعد
إذنه، فهذا يبطل عليك طلب الشفاعة من غير الله)[2]
وهكذا علق على قول البوصيري:
فإن من جودك
الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم