سبحانه وتعالى قد حلَّ في
جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان.. ولاشك
أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة. وما كان للصوفية وهم المتحققون
بالإِسلام والإِيمان والإِحسان أن ينزلقوا إِلى هذا الدرك من الضلال والكفر، وما
ينبغي لمؤمن منصف أن يرميهم بهذا الكفر جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم
مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم،
كالفتوحات المكية، وإِحياء علوم الدين، والرسالة القشيرية وغيرها)[1]
وبناء على هذا راح يستعرض
ردود الصوفية على هذه التهمة، ومن ذلك قول الشيخ عبد الوهاب الشعراني: (ولعمري
إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل قالوا: ما
نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله تعالى أنهم يدَّعون
الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم رضي الله
تعالى عنهم، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر
الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط)[2]
والمنطق العقلي يؤكد هذا
المعنى فـ (الحلول والاتحاد لا يكون إِلا بالأجناس، والله تعالى ليس بجنس حتى
يحلَّ بالأجناس، وكيف يحل القديم في الحادث، والخالق في المخلوق!؟ إِن كان حلولَ
عَرَض في جوهر فالله تعالى ليس عرضاً، وإِن كان حلولَ جوهر في جوهر فليس الله
تعالى جوهراً، وبما أن الحلول والاتحاد بين المخلوقات محال؛ إِذ لا يمكن أن يصير
رجلان رجلاً واحداً لتباينهما في الذات؛ فالتباين بين الخالق والمخلوق، وبين
الصانع والصنعة، وبين الواجب الوجود والممكن الحادث أعظم