والقرب أو الدنو من ليلى هو
القرب من ذات الله تعالى، ورفع الرداء رمز لانكشاف الحجاب، وكذا ألفاظ الأنس
والحضور الغيبية، ليست إلا رموزا تعكس لنا بصدق، شوق الشاعر وتعلقه بالله وحده،
وانقطاع قلبه عن كل شيء إلا عن محبته[1].
بل إن الصوفية لا يعتبرون من
ليلى ومثيلاتها مجرد رموز، بل إنهم يذكرون أن قيسا في الحقيقة لم يكن يحب مظهر
ليلى، وإنما كان يحب الحقيقة المختفية وراءها، كما عبر جلال الدين الرومي عن ذلك بقوله: (إن كل ضروب
الرغبة والميل والمحبة والشفقة التي يكنها الناس لأنواع الأشياء تعد ضروبا من محبة
الحق والتوق إليه.. وتلك الأشياء جميعا حجب، وعندما يمضي الناس من هذا العالم
ويرون ذلك الملك من دون هذه الحجب يعلمون أن هذه الأشياء جميعا لم تكن سوى حجب
وأغظية، مطلوبهم على الحقيقة ذلك الأوحد)[2]
لكن هذه اللغة لم تعجب
السلفية أو لم يفهموها، فلذلك راحوا يرمون الصوفية نتيجية لذلك بكل أنواع التهم
كالحلول والاتحاد وغيرها.
ومن العجب أن بعضهم يجمع بين
رمي الصوفية بالحلول والاتحاد وبين رميهم بوحدة الوجود بمفهومها الفلسفي، وهذا هو
التناقض بعينه، ذلك أن الحلول والاتحاد يستلزم ذاتين منفصلتين يحلان ببعضهما، أو
يتحدان، بينما وحدة الوجود تعنى وجود ذات واحدة.
وقد رد الصوفية على هذه التهم
الموجهة لها بصنوف من الاستدلالات منها قول الشيخ عبد القادر عيسى عند عرضه لهذه
الشبهة: (إِن من أهم ما يتحامل به المغرضون على السادة الصوفية اتهامهم جهلاً
وزوراً بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله
[1] انظر: الشارف لطروش، الشيخ بن مصطفى
العلاوي، رائد الحركة الصوفية في القرن العشرين، ص7.
[2] جلال الدين الرومي، فيه ما فيه، دمشق: دار الفكر، ص71.