وبناء على هذا فقد راح ـ وهو
الشيخ المربي صاحب الطريقة ـ يشرح المراد منها عند الصوفية، وأن معناها لا يعود
إلا لتنزيه الله عن مشابهة مخلوقاته في أي شيء حتى في الوجود نفسه، فالله صاحب
الوجود الحقيقي الواجب، وأما مخلوقاته، فوجودها تبعي لا ذاتي، وناقص لا كامل، فقال:
(ونظراً لأن مسألة وحدة الوجود أخذت حظاً كبيراً من اهتمام بعض العلماء، وشغلت
أذهان الكثير منهم، أردنا أن نزيد الموضوع إِيضاحاً وتبسيطاً خدمة للشريعة
وتنويراً للأفهام فنقول: إِن الوجود نوعان: وجود قديم أزلي؛ وهو واجب، وهو الحق
سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ذلِكَ بأنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ﴾ [الحج: 22]. أي الثابت الوجود،
المحَقَّق، ووجود جائز عرضي ممكن، وهو وجود من عداه من المُحْدَثات)[2]
وبناء على هذه البديهية القرآنية
والعقلية راح يميز بين الفهم الشرعي لوحدة الوجود كما يقول بها الصوفية، ووحدة
الوجود الفلسفية، والتي يتوهم السلفية أنها من مقولات الصوفية.
فذكر أن وحدة الوجود الفلسفية
والتي تعني (اتحاد الحق بالخلق، وأنه لا شيء في هذا الوجود سوى الحق، وأن الكل هو،
وأنه هو الكل، وأنه عين الأشياء، وفي كل شيء له آية تدل على أنه عينه)[3]
وقد حكم على هذا النوع من الوحدة
بأنه (كفر وزندقة وأشد ضلالة من أباطيل اليهود والنصارى وعبدة الأوثان، وقد شدَّد
الصوفية النكير على قائله، وأفتَوْا بكفره،