الإسلام والإيمان وهي منتهى
التقى والورع، وهي مقام الِإحسان، وقد انطلت هذه الخدعة على الناس وصدقوها، حتى لو
قلت لأحدهم: إِن الصوفية زندقة، لثار عليك واتهمك الاتهامات التي لا تخطر لك على
بال، رغم أَنه ليس صوفيًّا، ولكنه اقتنع بالخدعة وانجرت عليه ذيولها)[1]
وهو ـ كسائر السلفية ـ لا
يقبل من الصوفية ـ كما لا يقبل من غيرهم ـ إلا أن يخضعوا لكل ما ينسبونه لهم، فإن
دافعوا عن أنفسهم بالحقائق العلمية القطعية اعتبروا مراوغين مخادعين يستعملون
أساليب الباطنية، يقول في ذلك: (ومثل من مراوغاتهم المعتادة: لو جئتهم بدراسة عن
صوفية ابن عربي مثلًا، لسمعت من يقول لك: هذا مدسوس عليه، أَو لسمعت من يقول: هذا
شيء لا يدين به الباقون، أو لسمعت: هذا كان فيما مضى من الزمان، ولم يبق له أثر،
أو تسمع من يقول: الصوفية الآن لا يعرفون هذه الأمور ولا يفهمونها، فأَكثرهم بسطاء
وسذج، أو هذا يعرفه بعضهم ويجهله الآخرون، وإن كانت الدراسة حول صوفي غير مشهور،
فسيكون الجواب: هذا مندس على الصوفية، مدع لها، والصوفية الحقة بريئة منه ومن
أمثاله، والصوفية الحقة هي قمة الِإسلام والِإيمان..ولو أتيتهم بنصوص صوفية
للغزالي مثلاً، وبرهنت لهم على صحتها وصحة نسبتها إلى قائلها وأريتهم مواضع الضلال
فيها، فالجواب الذي ستسمعه: هذا كلام له تأويل! أو يجب أن نؤوله! أو هذا كلام لا
نفهمه، ومثل هذه الأجوبة، نسمعها أيضاً من غير المتصوفة من كثير من الناس، لأنهم
سمعوها سابقاً من المتصوفة، وسمعوها وسمعوها كثيراً حتى اقتنعوا بها)[2]
وللأسف فإنهم هم أنفسهم ـ أي
السلفية ـ تأتيهم بالبراهين القاطعة من كتبهم،
[1] الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة
في التاريخ، ص9.
[2] الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة
في التاريخ، ص10.