وهكذا قال الشيخ عبد الحليم
محمود: (وفي الناس من يرى أن التصوف مذاهب وفرق وطوائف، ولكن هذا التفكير المنحرف
تأتى إِلى القائلين به من نظرتهم إلى علم الكلام وإلى الفلسفة؛ ففي علم الكلام: أشاعرة
ومعتزلة ومشبهة، وفي الفلسفة: أرسطيون وإِفلاطونيون وديكارتيون.. ولقد خلط
الكاتبون بين هذه الدراسات والتصوف، فزعموا أن في التصوف مذاهب وفرقاً وطوائف ولو
أمعنوا النظر، لعرفوا أن التصوف تجربة روحية، وليس نظراً عقلياً، وإذا كان النظر
العقلي يفرق الناظرين إلى طوائف وفرق، فإن التجربة لا يختلف فيها اثنان.. وكما أنه
لا يستساغ الخلط بين الوسائل والغايات في أي ميدان من الميادين، فإنه لا يجوز أن يستساغ
الخلط بين طرق التصوف، وهي وسائل، وبين الغاية، وهي التصوف نفسه، فطرق التصوف
متعددة مختلفة، وبعضها أوفق من بعض، وبعضها أسرع من بعض، ولكنها على اختلافها
وتعددها، تؤدي إلى هدف واحد وغاية واحدة. التصوف إذن مذهب (بصيغة المفرد) لا مذهب (بصيغة
الجمع)[1]
ومع كون ما ذكره هؤلاء
الصوفية واضح لا حرج فيه، فالتجربة الصوفية تختلف عن الرؤى العقلية، ولذلك فإنها
واحدة من حيث أهدافها لأنها جميعا تهدف إلى التعرف على الله والتواصل معه إلا أن
الكاتب راح يستنتج منها ـ كعادة السلفية ـ أن إثبات كفر واحد من هؤلاء سيعمم
النتيجة على الجميع، وتصبح المعادلة كالتالي: كل صوفي كافر، و(س) صوفي، إذن هو
كافر..
وحينها لا نحتاج لإثبات كفر
أي شخص إلا لإثبات ميوله الروحية، ومحبته للصالحين، أو قراءة كتبهم، فإن دعا
الآخرين إلى ذلك صار كفره مضاعفا، لأنه سيتحمل