وقد ألفوا المؤلفات الكثيرة
في ذلك.. والتي تحاول أن تعطي قاعدة مفادها: كل صوفي كافر.. ولا يهم في ذلك أن
يكون متقدما أو متأخرا.. سلفيا أو خلفيا.. فمجرد نسبته للتصوف تطبعه بطابع الكفر،
حتى لو برأه منه ابن تيمية وغيره.. فلا عبرة بذلك، لأن ابن تيمية ـ كما يقول هؤلاء
السلفيون ـ لم يكن يدرك الحيل التي احتالوا بها عليه، ليبرئهم، ويسكت عنهم.
ومن باب المثال، أذكر هنا
كتابا لقي إقبالا كبيرا من السلفيين منذ تأليفه إلى الآن، وهو مرجعهم الأكبر في
هذا ـ بدل ابن تيمية ـ وهو كتاب (الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ) الذي
يعتبر من أعظم
الكتب التكفيرية التي كتبها السلفية، وخالفوا بها حتى مشايخهم الأوائل، وقد بدأ محمود عبد الرؤوف القاسم ـ صاحب الكتاب ـ كتابه هذا
ببيان أن الصوفية جميعا شيء واحد، ويحملون فكرة واحدة، ولذلك فإن تكفير ابن تيمية
أو غيره لأي واحد منهم، يجعل الجميع تحت طائلة التكفير.
يقول في ذلك: (لا يوجد إلا
صوفية واحدة، غايتها واحدة، وحقيقتها واحدة (وسنرى أن طريقتها واحدة) منذ أن وجدت
الصوفية حتى النهاية، وإن اختلفت الأسماء، وهذه براهين من أقوال عارفيهم (وصاحب
البيت أدرى بما فيه)[1]
ونقل من نصوص الصوفية ما يدل
على ذلك، كقول الجنيد
(سيد الطائفة): (الصوفية أهل بيت واحد لا يدخل فيهم غيرهم)[2]، وقول أبي نصر السراج (صاحب
اللمع): (لأن علم الحقائق ثمرة العلوم كلها، ونهاية جميع العلوم، وغاية جميع
العلوم إلى علم الحقائق، إذا انتهى إليها وقع في بحر لا غاية له، وهو علم القلوب،
وعلم
[1] الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة
في التاريخ، ص5