أخطر ما وصل إليه التكفير
السلفي هو تكفيره للمدارس الصوفية بمشايخها وعلمائها ومريديها ومحبيها ومناصريها
والمدافعين عنها.. فلم يسلم من سيف تكفيره بسببها إلا السلفية، وبعضهم ـ ممن هادن
أو سكت ـ على خطر، كما سنرى في الفصل الأخير من هذا الكتاب.
وما ذكرناه ليس سهلا ولا
بسيطا ولا محدودا، ذلك أن الطرق الصوفية، ولفترات طويلة من التاريخ الإسلامي كانت
هي المسيطرة والمؤثرة في المجتمع، فلم تكن تخلو أسرة ولا بيت من مريد لطريقة من
الطرق، ومن عداهم كانوا ينظرون إلى الطريقة باعتبارها محلا للصالحين، ومأوى
للطاهرين الموحدين.. وكانوا جميعا يعظمون الأولياء ويتبركون بهم ويزرون قبورهم.. وكانوا
جميعا يتوسلون برسول الله k، ويستغيثون به، ويكتبون القصائد في مدحه..
وكيف لا يكون الأمر كذلك،
وأكثر الأمة أسلم بسبب رجال الطرق الصوفية ومريديها ومحبيها.. فقد كانوا هم
مفتاحهم للإسلام، وهل يمكن لأحد أن يعرض عن المفتاح الذي فتح الله له به الهداية؟
بناء على هذا لن نبذل جهدا
كبيرا في هذا الفصل في إثبات تكفير السلفية للطرق الصوفية إما تكفيرا مطلقا، أو
تكفيرا معينا.. لأنهم هم أنفسهم كفونا ذلك ـ وخاصة في هذا العصر ـ حيث ألفوا الكتب
الكثيرة، وأصدروا الفتاوى الطويلة في تكفير كل رجالا التصوف وطرقها والمؤيدين لها.
والمعاصرون من السلفيين قد
تميزوا عن السابقين بتوسيع دائرة التكفير لتشمل الأوائل من الصوفية كالجنيد ورابعة
وغيرهما، ممن كان سلفهم الأول ينظر إليهم بنوع